وأهواله، وطالت مدته، فكانت ستين سنة، وتنوعت سنين سيئة وسنين حسنة، ولم يسمع بمثلها لخليفة ولا لملك مشهور في هذه الملة، ولا امتدت لأحد ممن كان بعده ولا قبله، وكاد في وقت تملك الأرض كلها، وتكفل البلاد وأهلها، وخطب له ببغداذ، وكان نصيبه إرقال وأغذاذ، حتى كان يعدّ مع الاسكندر، ويحسب أنّه تبّع حمير، ثم ضعف أمره حتى كاد لا تطيعه أمته، ولا تجاب برجع الصدى كلمته، وكان كالطيف له وجود ولا حقيقة له، وكالعدم هو شىء وما قدر أحد أن يمثله، ولما ملّكت له بغداد، ونسخ براياته البياض السواد، قال أبو دلف الخزرجي:
دار السلام مشاء بدعوة ابن الرسول ... جاء النهار وولّى ظلام تلك الذحول
ما إن رأيت خضابا جماله في النصول ... نور من الله وافى يهدى لكل جهول
وجاءه الحسن بن الصباح القائم بالدعوة الراديّة؟ من خراسان، في زي [ص ٥٩] التجار، ودخل عليه فقرر معه ما يمثل، وقال له في آخر كلامه: ومن ولي عهد المسلمين؟ فقال: ولد في نزار، فمضى ابن الصباح إلى بلاد العجم، وأقام الدعوة التي دامت إلى عصرنا هذا، وقامت بعد ذلك بالشام بقلاع الدعوة.
قال ابن سعيد: إنه جاوز في أمد الخلافة ستين سنة، ولم يبلغ هذه المدة خليفة بالمشرق، وكانت له من خزائن الأموال، وعظم الأمر ونفوذه، واتساع