وحمله أوق أثقاله «١» ، وقلده طرق أعماله، وسوّغه فوق ما في احتماله، ثم قتله على يد ابن امرأته عباس بن تميم الصنهاجي واستبدله عوضه، وألقى إليه أمر الملك وفوّضه، ثم كلف الظافر بابن وزيره وشغف به شغفا حل في شغاف ضميره، فكان لا يرى السرور إلا في مداناته، ولا الراحة إلا في الوجد به ومعاناته، ثم حفر سرابا «٢»[ص ٦٥] بين داريهما، وكانا فيه يلتقيان ويفعلان وما يبقيان، وشاع خبرهما، وبقي الوزير منكس الرأس لا يرفع طرفا حياء، ولا يجد الدنيا عليه إلا ظلاما لا ضياء، فأعمل في اغتياله الحيل، وأسرع إليه، وما طالت به الطّيل، وتوصل إليه بابنه فقتله، واتخذ ذلك السراب موضع دفنه.
ومن الكنوز: إنه لما تم لعباس الأمر في قتل الظافر ركب القصور وقال:
بلغني أن أخوي الظافر يوسف وجبريل، وابن أخيه أبا البقاء بن حسن بن الحافظ قتلوه بمواطأة مفلح زمام القصر، ثم أحضرهم وضرب أعناقهم، وحمل من القصر ما أراد، ولم يخف عن الناس أنها من فعلاته، وصنعت المراثي فيهم واستنجد بابن رزّيك وهو يمنيه ابن خصيب، وممن كتب إليه في هذا الجليس بن الحباب.
وحكي أن عباسا جلس للمنادمة، فلما أخذت الكأس منه قال: تبّا لمن يعتقد إمامة هؤلاء، ويقول إنه لا يكون إمام إلا بوصية، والله لقد قتلت الظافر ولا علم عنده بذلك حتى يوصي، ولقد استعرضت أقاربه كالغنم إهانة وذبحا، وقدمت هذا الملقب بالفائز وعمره خمس سنين، وعلى يدينا ذهبت دولتهم بالمغرب، وكذلك تذهب بالمشرق، فقتله الله وقتل ولده بالظافر، وكان قتله في نصف المحرم سنة تسع وأربعين وخمس مائة، ومدة خلافته خمس سنين وستة أشهر وأيام.