الخدم، وقد غشي عليه من الضرب، فأهوى إلى الخاتم، فقبض على يد الخادم فدقها، فصاح فأتى موسى فأراه، فاستشاط وقال: أتفعل هذا بخادمي مع استخفافك بأبي وقولك لي، فقال: سله ومره أن يضع يده على رأسك وليصدقك، ففعل فصدقه الخادم، فقال: أحسن والله، وأنا أشهد أنه ابن عمي، ولو لم يفعل لانتفيت منه، ثم أمر بإطلاقه ووصله.
وذكر سعيد بن سالم قال: كنت مع الهادي بجرجان، فأتاه نعي المهدي والخلافة، فركب البريد إلى بغداد في قوم معه، فسرنا بين بساتين جرجان، فسمع صوتا فيها من رجل يتغنى، فقال لصاحب شرطته: عليّ بالرجل [ص ١٢٢] الساعة، قال: فقلت ما أشبه قصة هذا الخائن بقصة سليمان بن عبد الملك، بينما هو في متنزه له ومعه حرمه، فسمع في بستان آخر صوت رجل يتغنى، فدعا صاحب شرطته، فقال: عليّ بصاحب الصوت، فأتي به، فلما مثل بين يديه، قال: ما حملك على الغناء، وأنت إلى جنبي ومعي حرمي، أما سمعت أن الرماك «١» إذا سمعت صوت الفحل حنت إليه؟ يا غلام جبه، فجبّ الرجل، فلما كان في العام المقبل، رجع سليمان إلى ذلك الموضع فجلس مجلسه الذي جلس فيه، فذكر الرجل وما صنع به فقال: عليّ بالرجل الذي كنا جببناه، فأحضروه، فلما مثل بين يديه قال: إما بعت فوفيناك، وإما وهبت فكافأناك، قال: فو الله ما دعاه بالخلافة، ولكنه قال: يا سليمان، إنك قطعت نسلي، وذهبت بماء وجهي، وحرمتني لذتي، ثم تقول: إما وهبت فكافأناك أو بعت فوفيناك، لا والله حتى أقف بين يدي الله، فقال الهادي: يا غلام، ردّ صاحب الشرطة، فرده، فقال: لا تعرض للرجل.
وولد الهادي سنة ست وأربعين ومائة، وتوفي سنة سبعين ومائة، وعمره أربع