للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمير المؤمنين، تعتقها وتتزوجها، فإنّ الحرة لا تستبرأ، قال: قد أعتقتها، فمن يزوجنيها؟ قلت: أنا، قال: افعل، فدعا بمسرور وحنين الخادمين، فخطبت فحمدت الله ثم زوجته بها على عشرين ألف دينار، ودفع إليه المال، ثم قال:

انصرف الآن، وأمر لي بمائتي ألف درهم، وعشرين تختا ثيابا، فحمل ذلك معي، فالتفت إليّ هرثمة وقال: فأين حقي؟ فقلت: خذ العشر، ثم إذا بعجوز فدخلت فقالت: يا أبا يوسف، إن ابنتك تقرئك السلام وتقول: لك ما وصل إليّ من أمير المؤمنين إلا المهر، وقد حملت إليك النصف وتركت الباقي لما تحتاج إليه، فو الله لا قبلته، أخرجتها من الرق وزوجتها [ص ١٢٩] أمير المؤمنين وترضى لي بهذا، فلم تزل بي الجماعة حتى قبلت، وأمرت لهرثمة منها بألف دينار أخرى.

وذكر محمد بن علي، عن أبيه قال: دخلت على الرشيد في دار عون العبادي، فإذا هو في هيئة الصيف في بيت مكشوف، وليس فيه فرش وغلالة رقيقة عليه وإزار عريض الأعلام، وكان لا يجلس في بيت الخيش، لأنه كان يؤذيه إفراط الهواء، ولكنه كان يجلس ظاهره فيأتيه برد الخيش، وكان له تغار من فضة يعمل فيه الطيب والزعفران والأفاويه وماء الورد، ثم يدخل إلى بيت مقيله، ويدخل سبع غلائل قصب رشدية تقطيع النساء تغمس الغلالة في ذلك الطيب، ويؤتى في كل يوم بسبع جوار، فيخلع عن الجارية ثيابها ثم يخلع عنها غلالة، ويجلس على كرسي مثقب، فيرسل الغلالة على الكرسي متحللة، ثم يبخر من تحت الكرسي بالعود المدرج في العنبر ابدا حتى يجف القميص عليها، يفعل ذلك بهن ويغلق البيت فيعبق بالبخور والطيب.

وذكر بعضهم أنهم كانوا مع الرشيد بالرقة، فخرج يوما إلى الصيد، فعرض له رجل من النساك، فقال: يا هارون، اتق الله، فقال لابن نهيك: خذه إليك حتى أنصرف، فلما رجع هارون أمر أن يطعم الرجل من خاص طعامه، فلما أكل

<<  <  ج: ص:  >  >>