كلفا به غراما، فأصابته جراحة أدمت حر وجهه، ونثرت ورد دمه على ياسمين خده، فقال:
[مجزوء الرمل]
ضربوا قرة عيني ... ومن أجلي ضربوه
أخذ الله لقلبي ... من أناس جرحوه
وكان أبو نواس قد اعتقله الرشيد على كلمة قالها تعرض فيها إلى النقص بقريش، فلما ولي الأمين وكانت لأبي نواس به ذمة قديمة، فقال: [الطويل]
تذكر أمين الله والعهد يذكر ... مقامي وإنشاديك والناس حضّر
ونثري عليك الدرّ يا درّ هاشم ... فيا من رأى درا على الدر ينثر
أبوك الذي لم يملك الناس مثله ... وعمك موسى عدله متخيّر [ص ١٣٤]
وجدك مهدي الهدى وشقيقه ... أبو أمك الأدنى أبو الفضل جعفر
وما مثل منصوريك منصور هاشم ... ومنصور قحطان إذا عدّ مفخر
فمن ذا الذي يرمي بسهمك في العلى ... وعبد مناف والداك وحمير
فغنت جارية بهذه الأبيات بين يدي الأمين، فقال: لمن هذه الأبيات، فقيل له: لأبي نواس، قال: وما فعل، فقيل له: محبوس، قال: ليس عليه بأس، قال: فبعث إليه رجل من المجلس يعلمه بما قال، وقال:
[الوافر]
أرقت وطار عن عيني النعاس ... ونام الساهرون ولم يواسوا
أمين الله قد ملّكت ملكا ... عليك من التقى فيه لباس
كأنّ الخلق في تمثال روح ... له جسد وأنت عليه راس
أمين الله إن السجن بأس ... وقد أرسلت ليس عليك باس