فأما العلماء وأهل الصلاح واسمهم عندهم المرابطون، فإنهم لا حرج عليهم في لبسه هذا ما في البرانس البيض، فأما سائر الألوان فلا حرج عليهم في لبسها «١» كائنا من كان، ولا يدقّ طبل لأحد في سفر إلّا للسلطان خاصة لا غير.
حكى لي السّلالجيّ أنّ بعض أرباب الحلق من مصر دخل إلى فاس وعمل بها حلقة وبقي يدقّ بطبلة له على عادته وعادة أرباب الحلق فحصل عليه الانكار وأمر بإبطاله، وضرب الطبول محفوظ لأهل بيت خاص بهم من أهل مرّاكش، هذا لبس ذوي السيوف. فأما القضاة والعلماء والكتاب وعامة الناس فقريب من هذا الزيّ إلا أنّ عمائمهم خضر ولا يلبس أحد منهم الأنمقة وهي الأخفاف في الحضر، فأما في السفر فلا جناح منهم على من لبسها، وليس لهؤلاء سيوف، ومن عادة هذا السلطان أن يعرض جنده في رأس كلّ ثلاثة أشهر ليعرف منهم الحاضر والغائب والقادر والعاجز فيخرج إلى مكان معدّ لهذا بظاهر قصوره، ويجلس على علو في ذلك المكان، ويجلس تحته الكتاب ويستدعي عسكرة بالأسماء اسما اسما، ويقابل على أسمائهم وحلاهم «٢» ثم يصرف على كلّ واحد منهم راتبه، هذا للجند الأندلسيين الذين يرمون بقوس الرّجل والفرنج، وأما سائر العسكر فلهم إقطاعات وبلاد وإحسان من رأس السنة إلى رأس السنة، والراتب يسمى بإفريقيّة البركة ويسمى بمصر والشام النقد أو الإقطاع، ولكنه لا يقاس إفريقيّة بها في هذا ولا يعرف في هذه المملكة ما هم الأمراء اسما ولا معنى كما هو بمصر وإيران بل الأشياخ الكبار والصغار كما تقدم القول فيه في إفريقيّة، فإنّه ليس في الغرب من يطلق عليه هذا الاسم كما يعرف في مصر والشام أن هذا الاسم يصدق على حقيقة رجل له عدّة من الجند.