للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرس على أنهم عواهر، فأعطاهم خاتما من ذهب فصه ياقوت يساوي مالا عظيما فأنكروا ذلك وحملوه إلى صاحب الشرطة فعرفه، وحمله إلى المأمون فأمر به، فجعل في مكان، فلما كان من الغد أخرج وأظهر للناس على ما أمسك عليه، فقال له المأمون: هيه يا إبراهيم، فقال: يا أمير المؤمنين، إن ولي الثأر محكم في القصاص، والعفو أقرب للتقوى، وقد جعلك الله فوق كل ذنب، كما جعل كل ذنب دونك، فإن عاقبت فبحقك، وإن عفوت فبفضلك، فقال له المأمون: بل نعفو يا إبراهيم، فكبّر، ثم خرّ ساجدا، فلما رفع رأسه أنشده:

[الطويل]

يا خير من وخدت به شدنية ... بعد الرسول لآيس أو طامع

متيقظا حذرا وما يخشى العدى ... يقظان من وسنات يوم الهاجع

ملئت قلوب الناس منك مخافة ... وتبيت تكلؤهم بقلب خاشع

نفسي فداؤك أن تضيق معاذري ... والود منك بفضل حلم واسع

أملا لفضلك والفضائل شيمة ... رفعت ثناءك بالمحل النافع

فبذلت أفضل ما تضيق ببذله ... وسع النفوس من الفعال البارع

وعفوت عن من لم يكن عن مثله ... عفو ولم يشفع إليك بشافع

إلا العلو عن العقوبة بعد ما ... ظفرت يداك بمستكن خاضع

ورحمت أطفالا كأفراخ القطا ... وعويل عانسة كقوس النازع

الله يعلم ما أقول فإنها ... جهد الألية من حنيف راكع

ما إن عصيتك والغواة تقودني ... أسبابها إلا بنية راجع

حتى إذا علقت حبائل شقوتي ... بردا إلى حفر المنية هانع [ص ١٤١]

لم أدر أنّ لمثل جرمي غافر ... فوقفت أنظر أي حتف صارعي

ردّ الحياة عليّ بعد ذهابها ... ورع الإمام القادر المتواضع

<<  <  ج: ص:  >  >>