وأما هيئة جلوسه للمظالم، فإنه يجلس على فرش مرفوعة في قبة معلومة للجلوس له بحضرته الأشياخ [مقلّدون]«١» بسيوفهم، فأما من لا له هذه الرتبة ولا له وضع من ذوي السيوف، فإنهم إذا دخلوا إلى مجلس السلطان وقفوا بعيدا منه مصطفين متكئين على سيوفهم، وإذا أراد صاحب الشكوى إبلاغ شكواه وهذا إنما يكون حين ركوبه وظهوره صاح من بعد: لا إله إلا الله انصرني نصرك الله، فيعلم أنه شاك فتؤخذ قصته وتعطى لكاتب سرّه فإذا رجع إلى مقرّه اجتمع مع كاتب سرّه، وقرأ عليه تلك القصة وغيرها فينظر في ذلك بما رآه، وإذا سافر السلطان وخرج من قصره، ونزل بظاهر بلده وارتحل من هناك ضرب له طبل كبير قبيل الصبح إشعارا بالسفر فيتأهب الناس ويشتغل كلّ أحد بالاستعداد للرحيل، فإذا صلّيت صلاة الصبح ركب الناس على قبائلهم وطبقاتهم ومنازلهم المعلومة، ووقفوا في طريق سلطانهم صفا بجانب صفّ ولكلّ قبيل وجند علم معروف به ومكان في الترتيب لا يتعداه، فإذا صلّى السلطان الصبح قعد أمام الناس ودارت عليه ما له من العبيد والوصفان و [العدويين]«٢» الذين هم كالنقباء ويجلس حوله ناس يعرفون بالطلبة يجري عليهم ديوانه (٥٥٨) يقرءون حزبا من القرآن الكريم، ويذكرون شيئا من الحديث الشّريف النبويّ على قائله أفضل الصلاة والسّلام، فإذا أسفر الصبح ركب وتقدم أمامه العلم الأبيض الذي هو سعد الدولة، ويقال له: المنصور، وبين يديه الرّجّالة بالسلاح والخيل المجنوبة «٣» ببراقع الوشي، والبراقع من ثياب السّروج، وعندما يضع السلطان رجله في الرّكاب يضرب في طبل