ضمناه عليه، فرضي به، ثم مضينا إلى السلطان فأعلمناه بما كان، فأمر بمبايعته، فلما كان من الغد، صعدنا إلى الدار فأخرجنا منها أشياء لآلات الغناء وما لا يليق، وشهد جماعة من أهل الدار أن الراشد كان يشرب الخمر، فأفتى الفقهاء بخلعه، وحكم القضاة بذلك فخلعوه، ودخلت إلى الأمير أبي عبد الله محمد، أنا والوزير وصاحب المخزن، وتحدثنا معه، وناولته رقعة فيها ما يلقب به، فكان فيها: المقتفي لأمر الله، والمستضىء بنور الله، والمستجير بالله، فقال الخليفة:
ذلك إليكم، ثم قال لي الخليفة: ماذا ترى؟ فقلت: المقتفي لأمر الله، فقال:
مبارك، ثم مد يده، فأخذها الوزير وقبلها، وقال: بايعت سيدنا ومولانا الإمام المقتفي لأمر الله أمير المؤمنين، على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واجتهاده، ثم أخذها صاحب المخزن، وقبلها وبايعه على مثل ذلك، ثم أخذت يده وقبلتها، ثم قلت: بايعت سيدنا ومولانا الإمام المقتفي لأمر الله أمير المؤمنين، على ما بايعت عليه آباءه وأخاه وابن أخيه في ولاية عهده، ثم قمت من عنده، ودخل الأمراء والقضاة والعلماء وأكابر الناس فبايعوه، ثم حضر السلطان مسعود عنده، وكلمه المقتفي بكلام وعظه فيه، ثم عرفه ما يلزمه من طاعة الخليفة، وأمره بالرفق [ص ١٨٢] بالرعية والإحسان إليهم، وخوّفه عاقبة الظلم، فبايعه السلطان، وقبّل يد الخليفة، ورجع إلى دار السلطنة، وأما الراشد فإنه أقام بالموصل مع عماد الدين أتابك زنكي، ثم أرسل زنكي إلى بغداد القاضي كمال الدين محمد بن الشهرزوري، فلما حضر قيل له: بايع أمير المؤمنين، فقال: أمير المؤمنين عندنا بالموصل، وله في أعناق الخلق بيعة متقدمة، وطال الكلام، ثم عاد إلى مثله، فلما كان الليل، جاءته امرأة عجوز سرا وأبلغته رسالة عن المقتفي مضمونها عتابه، فقال: غدا أخدمه خدمة يظهر أثرها، فلما كان الغد، أحضرت إلى الديوان، وقيل لي في معنى البيعة، فقلت: