الأمصار لدعوتها، وقومت عوج اليماني، وأقامت ميل الرديني، وغزت الأعداء بغير كتائب، وركبت إلى الهيجاء سوى الجنائب، وعاجت على الديار لإبلاء صدور الركائب، وما قنعت هممها بالشرق وممالكه الفساح [ص ١٨٩] والعراق وسكانه الفصاح، وما في بلاده من جنوب وشمال، واتساع ما فيه من كور أعمال وعمال، وما حواه البحران، ودنا دونه النهران، حتى استعاد بالتقدمات النورية إخذته، واسترد ذخيرته وخيرته، وفتح مصر واسترجع منها ما كان في أيدي العبيديين، ونسخ بالدين المحمدي ذلك الدين، وغلب منها على ما لاوت عليه الدهور، حتى فنيت مددها، وبليت على الجدين جددها، وقهر الخليفة السوء وزراؤه، ورزي بملكه، وسر الناس إرزاؤه، وكان صلاح الدين إذ ذاك الوزير، وحل في لبدته أسد مزير، فخلا القصر من شياطينه، وبدل رعاعه بسلاطينه، وغلب الدست لانحصار شاته بفرازينه «١» ، وظهور الحق على تسويل إبليسه وتزيينه، وذهبت تلك الدولة ببقايا السقم وقد أضنت، وبلايا النقم وقد عنت، وانتقم الله ممن جاذبه رداء كبريائه، وخلص الخلاص الهاشمي من وضر أدعيائه، ورميت عن سلافة العصر حثالة ذلك العصر، وطفئت لأهل القصر نار ترمي بشرر كالقصر، وتجردت العزيمة النورية لكشف لمم يلمها، وكشط غمائم غمّها عار، فأزالت عنها غمّ ذلك النسب حتى كفت الدولة العباسية أمرهما، ونفت ما نسب من الدناءة إلى ابن عمها، فأزالت عنها عار ذلك النسب المدخول، والحسب المعروف المجهول، وأصبحت مصر في حلل الشعار العباسي ترفل إلى أقاصيها، وتخطر في حلية الشباب ما شاب من لمم نواصيها، ثم شرع التصميم الصلاحي في بلاد الفرنج، وسرة فم قوسه لاكل بلادهم، واستعد منجل سيفه لحصادهم، وتنازل رمحه لحمل رؤوسهم لا أجسادهم، وتحطمت