فيما أصاره إليه جده، من العهد بعد المستكفي، ظنا أن يكون صالحا، أو يجيب لداعي الخلافة صالحا، فأنشأ إلا في تهتك، ولا دان إلا بعدم تنسك، أغري بالقاذورات، وفعل ما لم تدع إليه الضرورات، وعاشر السفلة الأراذل، وهان عليه من عرضه ما هو باذل، وزين له سوء عمله فرآه حسنا، وعمي عليه فلم ير مسنا إلا محسنا، وغوي باللعب بالحمام، ومشترى الكباش للنطاح، والديوك للنقار، والمنافسة في المعز الزرابية الطوال الآذان، وأشياء من هذا ومثله، ما يسقط المروءة، ويثل عرش الوقار، إلى أن صار لا يعد [إلا] في سفلة الناس، هذا إلى سوء معاملة، ومشترى سلع لا يوفي أثمانها، واستيجار آدر لا يقوم بأجرها، وتحيل على درهم يملأ به كفه، وسحت يجمع به فمه، وحرام يطعم منه ويطعم حرمه، حتى كان عرضه عرضة للهوان، وأكله لأهل الأوان، فلما توفي المستكفي، والسلطان عليه في حدة غضبه، وتيّاره المتحامل عليه في شدة غليه، طلب هذا الواثق المعتر، والمائق إلا أنه غير المضطر، وكان ممن يمشي إلى السلطان في عمه بالنميمة، ويعقد مكايده على رأسه عقد التميمة، فحضر إليه، وأحضر معه عهد جده فتمسك السلطان في مبايعته بشبهته، وصرف وجه الخلافة إلى جهته، وكان قد تقدم بعض ذلك العهد ونسخ ذلك العقد، وقام قاضي القضاة أبو عمرو بن جماعة، في صرف رأي السلطان على إقامة الخطبة باسم الواثق، فلم يفعل، فاتفق الرأيان على ترك الخطبة للاثنين، واكتفى فيها بمجرد اسم السلطان،