جعلت لها في نفسها شورى، غير أني أرجو أن لا تخرج من رأيي، فأتيا ابن سلام، فذكرا ذلك له، ثم دخل على ابنته فقال لها: إذا دخل إليك أبو هريرة وأبو الدرداء، فعرضا عليك أمر ابن سلام، قولي لهما: عبد الله كفء كريم، وقريب حميم، غير أن تحته زينب [ص ٢٢٧] بنت إسحاق، وأنا خائفة أن يعرض لي من الغيرة ما يعرض للنساء، فأتناول منه ما يسخط الله فيه، ولست بفاعلة حتى يفارقها، فلما ذكرا ذلك لابن سلام قال لهما: حبذا ذلك، ومن لي به، فجاءا معاوية فذكرا له ما قال، [قال] : فدخلا إليها فاستأمراها، فلما دخلا إليها، قالت لهما ذلك القول، فقال: اذهبا فأعلماه، فلما أتياه فأعلماه، ظن أنه لا يمنعها منه إلا فراق زينب، أشهدهما بطلاقها وبعث بهما إليه خاطبين، فلما أتياه أظهر الكرامة لفعله، وقال: ما كنت لأستحسن له طلاق امرأته، فانصرفا إلى غد ثم استأذناها، ثم كتب إلى ابنه يزيد بالخبر، ثم شرع في مطل ابن سلام والأخذ به من يوم إلى يوم، ثم أبت بنت معاوية إلا المنع، فعلم أنه إنما خدع، فقال: ليس لأمر الله راد، ولا لما لابد منه صاد، فإن المرء وإن كمل له حلمه، واجتمع له عقله، واستد «١» رأيه ليس بدافع عن نفسه قدرا برأي ولا كيد، ولعل ما سولوا به، واستجدلوا به «٢» ، لا تدوم لهم سروره، ولا يصرف عنهم محذوره، فلما انقضت أقراؤها، وجه معاوية أبا الدرداء «٣» إلى العراق خاطبا