للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن حبيب بن مسلمة الفهري قال: ركب معاوية وأنا معه، فبينا نحن نسير إذ طلع علينا رجل جميل الهيئة، فلم أره أكبر معاوية ولا اكترث له، وأكبره معاوية وأعظمه إعظاما شديدا، ثم قال: أجئت زائرا أم طالب حاجة، قال: لم آت لشىء من ذلك، ولكني جئت مجاهدا، وأرجع زاهدا، فمضى معاوية عنه، فقلت: من هذا يا أمير المؤمنين، قال: هذا عقبة بن عامر الجهمي، قلت: ما أدري ما أراد بقوله، خيرا أم شرا، قال: دعه، فلعمري إن كان أراد الشر إن الشر لعائد بالسوء على أهله، قلت: سبحان الله، ما ولدت قرشية أذل منك، فقال:

يا حبيب أأحلم عنهم ويجتمعون خير، أم أجهل ويتفرقون، قلت: بل تحلم ويجتمعون، ثم قال: امض، قلما ولدت قرشية قرشيا له مثل قلبي، قلت: إني أخاف أن يكون ما تصنع ذلا، قال: وكيف وقد قاتلت عليا فصبرت على مناوأتهم وبغضهم.

وعن سحيم بن حفص قال: كانت لعبد الله بن الزبير أرض إلى جانب أرض معاوية، فاقتتل غلمان معاوية وغلمان ابن الزبير، فكتب ابن الزبير إلى معاوية:

أما بعد، فقد غلبتنا بحمرانك وسودانك، ولو قد التقت حلقتا البطان «١» ، فاستوت بنا وبك الأقدام، علمت أن حمرانك وسودانك لا يغنون عنك شيئا، فقرأ معاوية الكتاب ثم رمى به إلى ابنه يزيد فقال: ما عندك؟ قال: تبعث إليه من يقتله فتستريح من حمقه وعجبه، قال: يا بني، له بنون وعشيرة تمنعه إن بعثت بمائة رجل، أعطيت كل رجل ألفا، فبلغ ذلك مائة ألف، ولا أدري على من تكون الدائرة، فإن غلبوا بعثت ألفا وأعطيتهم ألف ألف، ولكنني أكتب إليه: من معاوية أمير المؤمنين إلى عبد الله بن الزبير، أما بعد، فقد جاءني

<<  <  ج: ص:  >  >>