ميتا، أو يتعلق بها لا منجزا ولا موقنا، وبموته انقضت دولة بني حرب، ونقضت حبالها في كل شرق وغرب، ثم لم تقم لهم قائمة إلا من نجم وما طلع، وتحامل فأعجزه الظلع، إلا ما وضعه خالد بن يزيد، أن سيكون لهم دولة يقوم بها قائم يسمى السفياني، أراد بهم أن لا تنقطع منهم الأماني، ولقد خرج منهم بأطراف الشام من تسمّى بهذا، ثم ما طار حتى وقع، ولا أسفر محياه حتى امتقع، ولا أشرف رأسه حتى خضع، ولا أسرف حتى بطل، ما خلد خالد وما وضع.
ذكر البلاذري أن أباه يزيد بن معاوية، كان قد مرض بعد ولايته بسنتين من كبده، فلما برئ واستقل، أتاه ابنه معاوية، وأمه أم هاشم بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس عنده، وكانت امرأة برزة عاقلة، فقالت له: لو عهدت إلى معاوية، فقال: هكذا أفعل، ثم قال لحسان بن مالك بن بحدل: إني أريد البيعة لمعاوية بن يزيد [ص ٢٤٤] ، فقال: افعل، فدعاه يزيد فصافقه «١» بولاية العهد، وبايع له حسان بن مالك والناس، وهو كاره، وكان معاوية بن يزيد فتى صالحا متألها، كثير الفكر في أمر معاده، ولا يكاد يلتفت إلى أمر الدنيا، ولا يبالي كيف تقضت به، وإنما كني أبا ليلى للينه، وهي كنية كل ضعيف، ثم جدد يزيد له البيعة حين احتضر، فلما مات بايعه الناس، وأتته بيعة الآفاق، إلا ما كان من ابن الزبير، ولما أفضى الأمر إليه، قام خطيبا فقال: أيها الناس، إن يكن هذا الأمر خيرا فقد استكثر منه آل أبي سفيان، وإن يكن شرا، فما أولاهم بتركه، والله ما أحب أن أذهب إلى الآخرة وأدع لهم الدنيا، ألا فليصل بكم حسان بن مالك، وتشاوروا في أمركم، عزم الله لكم الرشد، والخيرة في قضائه، ثم نزل فأغلق بابه وتمارض فلم ينظر في شىء، ولم يعزل معاوية أحدا من عمال أبيه، ولا حرّك شيئا، ولا أمر ولا نفى، وكان حسان يصلي بالناس، وهم منكرون