الملك جدري، قد ظهر به، فوجدوا مشقة عظيمة لمخرجهم، فحمل عبد الملك على جمل شدّ عليه شدا، وأكبر قريش هذا على ابن الزبير، وقالوا له: إنما بعثت عليك أراقم لا يرقى سليمها، فكتب إلى ابن مطيع بإقرارهم بالمدينة، فبعث يردهم، فأبوا أن يردوا، وقد سول لمروان الأمر، فأتوا الشام وقد بايع الناس لمعاوية، وهو كاره لذلك، ثم لم يلبثوا أن مات معاوية، وظن ابن الزبير أن قد صفا له الأمر، وبث ولاته، وأطاعه أكثر أهل الشام، إلا حسان بن مالك بن بحدل «١» وقوما معه، فإنهم دعوا لخالد بن يزيد، فقال له ابن غضاة الأشعري:
أراك تريد هذا الأمر لخالد بن يزيد [ص ٢٤٨] وهو حديث السن، فقال: إنه معدن الملك، ومقر السياسة والرياسة، فأتى ابن غضاة خالدا فوجده نائما ضحى نهار، فقال: يا قوم، أنجعل نحورنا أغراض للأسنة والسهام لهذا الغلام وهو نائم في هذه الساعة، وإنما صاحب هذا الأمر المجد المشمر الحازم المتيقظ، فأتى مروان بن الحكم، فألفاه في فسطاط، وإذا درعه إلى جنبه، وعليه سيفه والرمح مركوز بفنائه، وفرسه مربوط إلى جانب الفسطاط، والمصحف بين يديه، وهو يقرأ القرآن، فقال ابن غضاة: يا قوم هذا صاحبنا الذي يصلح له الأمر، فرجعوا إلى حسان بن مالك، فأخبروه بخبر خالد ومروان، وأعلموه أنهم مجمعون على مروان، فقال ابن بحدل: رأيي لرأيكم تبع، إنما كرهت أن تخرج الخلافة من أهل هذا البيت، ثم قام حسان خطيبا، فحمد الله، ثم ذكر مروان وأثنى عليه، وقال: قوموا فبايعوا، فقاموا فبايعوه، وأقبل الضحاك حتى نزل مرج راهط «٢»