مقدارها حتى أرى ما يكون مقدارها من الجعل، قال: أن تملك الأرض، قال:
مالي من مال، ولكن أرأيت إن تكلفت لك جعلا أتاني ذلك قبل وقته، قال: لا، قال: إن حرمتك أيؤخر ذلك عن وقته، قال: لا، قال: فحسبك.
وكان عبد الملك من أكثر الناس علما وأبرعهم أدبا، وأحسنهم ديانة في شبيبته، وكان يواضب المساجد حتى سمي حمامة المساجد، وكان لا يعيى بجواب إلا إن كلم أخاه عبد العزيز. حكي أن عبد الملك استقبل أخاه عبد العزيز حين رجع من مصر على ألف جمل، فقال له: على كم كانت البدأة، فقال: على مائة، فقال عبد الملك: ما عير أحق بأن يقال لها: (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ)
«١» من عيركم هذه، فقال له عبد العزيز:(إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ)
«٢» .
وحكي عن عبد الملك أنه لما أراد الخروج إلى مصعب، تعلقت به عاتكة بنت يزيد بن معاوية، وجعلت تبكي، حتى بكى لبكائها حشمها، فقال: قاتل الله كثيرا، كان يرى موقفنا هذا حيث يقول:«٣»
[الطويل]
إذا همّ بالأعداء لم يثن همّه ... حصان عليها عقد درّ يزينها
نهته فلما لم تر النّهي عاقه ... بكت فبكى مما شجاها قطينها
ثم خرج يريد مصعبا وكثيّر في موكبه، فقال: يا أبا جمعة، ذكرتك الساعة بيتين من شعرك، فإن أصبتهما فلك حكمك، قال: نعم، أردت الخروج فبكت عاتكة بنت يزيد، وبكى حشمها، فذكرت قولي، وأنشده البيتين، قال: