أمية حتى أدبر معك أمرا، فقالت له امرأته: لا تذهب إليه، فإني أخافه عليك، فقال: أبو ذبّان، والله لو كنت نائما ما أيقضني، فقالت: والله ما آمنه عليك، وإني لأجد ريح دم، فما زالت به حتى ضربها بقائم سيفه فشجها، وقام فلبس درعه تحت ثيابه، فلما أراد الخروج عثر بالبساط، ثم مضى، وكان معه أربعة آلاف في السلاح، وكان عمرو عظيم الكبر، لا يلتفت وراءه ولو انطبقت الأرض إعجابا وزهوا، فلما وصل القصر الذي فيه عبد الملك، غلّقت الأبواب، فلم يدخل معه إلا غلام، وهو لا يدري، فلما حصل لعبد الملك قال لغلامه: اذهب للناس ما به بأس، فقال عبد الملك: تريد أن تخدعني، خذوه، فلما أخذوه، قال له عبد الملك: إني أقسمت أن أعمل في عنقك جامعة، وهذه جامعة من فضة، أريد أن أبر بها قسمي، فطرحها في عنقه، ثم جذبه إلى الأرض بيده، فضرب فمه في جانب السرير، فانكسرت ثنيته، فجعل عبد الملك يتأملها، فقال عمرو:
لا عليك يا أمير المؤمنين، عظم انكسر، ثم قال له: سألتك بالله يا أمير المؤمنين لا تخرجني إلى الناس على هذه الحالة، فقال له: مكرا أبا أمية، وأنت في الحديد، فبينما هو في ذلك، إذ جاءه المؤذن يؤذنه بالصلاة، فقام إليها، وقال لأخيه عبد العزيز: اقتله، فقال عمرو: يا عبد العزيز، لا تكن أنت من بينهم قاتلي، فتركه، فلما رآه عبد الملك جالسا، فلام عبد العزيز، ثم أخذ الحربة بيده وقال: قربوه إليّ، فقال عمرو: فعلتها يا بن الزرقاء [ص ٢٥٨] ، فقال له عبد الملك:
لو علمت أنك تبقى ويسلم لي ملكي لفديتك بدم النواظر، ولكن قلّ ما اجتمع فحلان على مذود «١» إلا بغى أحدهما على صاحبه، ثم ضرب بالحربة في صدره فلم تغن شيئا، فضرب بيده على عاتقه، فأصاب الدرع تحت ثيابه، فقال: لقد كنت معتدا أبا أمية، اضربوا به الأرض، فصرع له، ووقف على صدره فذبحه، ولما