للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المدائني: دخل عبد الملك على يزيد بن معاوية فقال له: يا أمير المؤمنين، إن لك أرضا بوادي القرى لا غلة لها، فإن رأيت أن تأمر لي بها، فقال يزيد: إنا لا نخدع عن صغير، ولا نبخل بكبير، قال: فإنها تغل كذا وكذا، قال: هي لك، فلما ولّى قال يزيد: هذا الذي يقال إنه يلي بعدنا، فإن كان ذلك باطلا، فقد وصلناه، وإن كان حقا، فقد صانعناه.

وعن ذكوان قال: كان فقهاء المدينة يعدون أربعة منهم عبد الملك بن مروان.

وعن نافع قال: لقد رأيت المدينة وما بها شاب أشد تشميرا، ولا أملك لنفسه، ولا أظهر مروءة، من عبد الملك، قال: وكان يقال لعبد الملك حمامة المسجد لعبادته. وشكى بعض العمال إلى ابن عمر، وعبد الملك يصلي إلى سارية، فقال ابن عمر: لو وليهم عبد الملك هذا ما رضوا به، يضرب به المثل في الفضل والصلاح.

قال الشعبي: دخلت على عبد الملك فقلت: أنا الشعبي يا أمير المؤمنين، فقال: لو لم نعرفك لم نأذن لك، فلم أدر ما أقول، ثم قال: علّم بني الشعر، فإنه ينجدهم ويمجدهم. وقال: وفدت على عبد الملك، فما أخذت بحديث أرى أنه لم يسمعه، إلا سبقني إليه، وربما غلطت في الشيء وقد علمه، فيتغافل عني تكرما.

وقال عبد الملك: شممت الطيب حتى ما أبالي رائحة ما وجدت، وأتيت النساء [ص ٢٦٢] حتى ما أبالي أرأيت امرأة أم حائطا، وأكلت الطعام، حتى ما أبالي ما أكلت، وما بقيت لي لذة إلا في محادثة رجل ألقي التحفظ بيني وبينه.

وأوصى أهل مكة فقال: يا بني مروان، ابذلوا معروفكم، وكفوا أذاكم، واعفوا إذا قدرتم، ولا تبخلوا إذا سئلتم، ولا تلحفوا إذا سألتم، فإنه من ضيّق ضيّق عليه، ومن وسّع وسّع عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>