للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شىء، واضطرني الأمر إلى ما ترى أعمل في التراب كل يوم بدرهم، وكلما ذكرت حالي لم أملك نفسي أن أبكي، فقال الوليد: لم يقسم الله لك من تلك الأموال شيئا، وإليّ صارت وبنيت بها هذا المسجد.

وعزل المجذمين في مكان، وأعطاهم، وقال: لا يسألوا الناس، وأعطى كل مقعد خادما، وكل ضرير قائدا، وكان صاحب بناء واتخاذ مصانع، وكان عند أهل الشام من أفضل خلفائهم. قال ابن الأثير: وفتح في ولايته فتوحات عظام، منها الأندلس وكاشغر والهند، ثم قال: يمر بالبقال فيقف عليه يأخذ حزمة بقل فيقول: بكم هذه، فيقول: بفلس، فيقول: زد فيها. قلت: وقد قيل إنه أول من تجبّر من الخلفاء، وقال الوليد: أنا أنفق على الكعبة وأكسوها وأطيبها، فعلام يأخذ بنو شيبة هداياها، لأمنعنّهم إياها العام فأرمضهم، وخرج الوليد حاجا، فخرجوا يتلقونه، فوجدوا الحجاج معه، فقالوا له: أنت وإن كنت معزولا عنا، فإنك محمود عندنا، وحرمتنا ما لا تنكر، وقد بلغنا كذا، ففزعنا إليك، فقال: إذا دخلتم على أمير المؤمنين فتجنبوني عنده، ثم سلموا عليه خالي الوجه، ودعوني أكفيكموه، ففعلوا، فلما خرجوا قال الحجاج: على ما يدع هؤلاء وهدايا الكعبة، قال: قد أجمعت على أخذها، قال: فافعل، فاني أشرت بهذا على أمير المؤمنين عبد الملك فقال: أنا أبرأ إلى الله من هذا، فقال الوليد:

أنا أبرأ مما برأ منه أمير المؤمنين عبد الملك، وتركها لهم.

واستعمل عاملا له فأتاه رجل بنصيحة، قال: إن كانت لك رددناها عليك، وإن كانت لنا، فلا حاجة لنا فيها، قال: جار لي أخلّ بمركزه، فقال: بئس الجار أنت، نحن ناظرون فيما ذكرت، فإن كنت صادقا [ص ٢٧١] مقتناك، وإن كنت كاذبا عاقبناك، وإن أحببت أن نعفيك عفيناك، قال: اعفني، قال: قد فعلت.

وعن عامر بن عبد الأعلى، قال: حدّث الوليد أن جمع بين هند بنت الحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>