وأهل الأندلس لا يتعمّمون بل يتعهدون شعورهم بالتنظيف والحنّاء ما لم يغلب الشيب، ويتطيلسون فيلقون الطّيلسان على الكتف والكتفين مطويا طيّا ظريفا، ويلبسون الثياب الرفيعة الملونة من الصوف والكتّان ونحو ذلك، واكثر لباسهم في الشتاء الجوخ، وفي الصيف البياض، والمتعمم منهم قليل.
وأرزاق الجند بها ذهب بحسب مراتبهم، وأكثرهم من برّ العدوة من بني مرين وبني عبد الواد وغيرهم، والسّلطان يسكنهم القصور الرفيعة وبينهم وبين الإفرنج حروب ووقائع جمة في كلّ سنة إلّا أن يكون بينهم صلح إلى أمد، وحروبهم سجال تارة [لهم وتارة]«١» عليهم، والنصر في الأغلب للمسلمين على قلّتهم وكثرة عدوّهم بقوة الله تعالى.
وقد كانت لهم وقيعة في الإفرنج سنة تسع عشرة وسبع مئة على مرج (٥٦٧) غرناطة قتل فيها من الإفرنج أكثر من ستين ألفا وملكان بطره وجوان عمّه، وبطره الآن معلق جسده في تابوت على باب الحمراء، وافتديت جبفة [جوان]«٢» بأموال عظيمة، وحاز المسلمون غنيمة من أموالهم قلّما يذكر مثلها في تاريخ «٣» وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ
«٤» .
وبالبلاد البحرية أسطول حراريق «٥» للغزو في البحر الشاميّ يركبها الأنجاد من الرّماة والمغاورين والرؤساء المهرة فيقاتلون العدوّ على ظهر البحر، وهم الظافرون في الغالب،