يرتشف ثغر قدح أو جارية، لا يطبي شيخ ولا جازية، كأنّ العرب ليسوا من آبائه، أو بالعرب ليسوا على آبائه، وعمد يزيد إلى كلما صنعه عمر بن عبد العزيز مما لا يوافق رأيه، ولا يوافق تنكبه عن الحق ولاءه، فرده إلى ما كان عليه قبل عمر، وعدّه من إحسان ما أمر، ولم يخف فيه إثما في دنيا ولا آخرة، ولا كلما ظلما تبع به أوائله واستلحق أواخره إصرارا على الحنث العظيم، واغترارا بالله الحليم، هذا وهو كريم يقفى على منهجه، ويعفى صنايع السحاب بانصباب خلجه، وله فتوة ما أخلق انهماكه على الطرب بردها، ولا أخلف عهدها، لما خلق في عنصره القرشي طباعا، وأطبق على جوهره الأموي شعاعا.
حكى المدائني عن محمد بن خالد، قال:[ص ٢٨٦] كان لسعيد بن خالد بن عبد الله بن خالد بن أسد قصر بحيال قصر يزيد بن عبد الملك، فكان يزيد إذا ركب إلى الجمعة، توافيا إلى موضع واحد، فقال له يزيد في بعض الجمع: ما أراك تخل في جمعة واحدة، فقال له سعيد: إن قصري بحيال قصرك، فاذا ركبت ركبت فتلاقينا في هذا الموضع، فقال يزيد: فإن لي إليك حاجة، قال:
إذا لا يرد عليها أمير المؤمنين، قال: تهبني قصرك، قال: هو لك يا أمير المؤمنين، قال يزيد: فلك به خمس حوائج، قال سعيد: أن تردّ قصري عليّ، قال:
نعم قد فعلت، فاذكر الأربع، فذكرها سعيد، فقضاها له يزيد.
وها أنا أذكر شيئا من أمره مع سلامة وحبابة: أما سلامة فكانت لرجل من أهل الكوفة اشتراها سهيل الزهري، ثم اتصلت بيزيد، وكان يعرف بسلامة