سنين، ثم أعلاه الله إلى الإسلام منذ قريب «١» وعمّره السلطان أبو الحسن المرينيّ، واتخذه عتادا لجنده إذا دخلوا الجزيرة لحرب الكفار، وقد كان أسكنه طائفة من عسكره، وأخذ الجزيرة الخضراء من السلطان يوسف بن الأحمر ملك الأندلس ليكون مستقرا لجيشه، وأعاضه عنها زروعا تؤدّى إليه، ومالا يؤدّى عنه، هكذا حدثني الثقات من بني مرين، والقاضي الفقيه إبراهيم بن أبي سالم، ثم أخذت الفرنج الجزيرة الخضراء حين قتل أبو مالك بن السلطان المرينيّ وانهزم جيشه «٢» بعد النصرة العظمى «٣» ، وحينئذ زادت الهمم المرينيّة في تشييد هذا الجبل وتحصينه وتعمير ما عمّر منه، والله يحمي هذا الملك لإكمال ما شرع فيه من غزو الفرنج واستعادة ... «٤» الإسلام منهم، وينصره النصر المؤزّر، ويفتح عليه الفتح المبين، وهذا الجبل جبل منيع جدا يتمكن من حازه من الجزيرة وسبتة وما بينهما.
ويلي الجبل الجزيرة الخضراء «٥» المشار إليها، وهي مدينة محكمة كثيرة الزرع والماشية، وبها نهر يعرف بوادي العسل عليه بساتين وأرحاء وغير ذلك، وبها دار صناعة لإنشاء الحراريق، وهي آخر البلاد البحريّة الإسلامية بالأندلس، وليس بعدها [لهم بلاد]«٦» ، وهي