رأى ولد الفاروق بيعة جده ... فبايع تبصيرا لمن لم يبايع
وقد زمّها مروان في يوم راهط ... برأي لأهواء الجماعة جامع
وراية شورى لو أعيدت لما دعت ... لدعوته الآذان دعوى منازع
ولا شاع في مصر لصحب محمد ... أذى لم يكن من قبل فيها بشائع
ومنها قول يوسف بن هارون الرقاشي ملمحا في بعض أغزاله، وملمحا بها لحلو مقاله، وقد أبرز للقاء جعفر المفارق لمعد صاحب أفريقية جيشا أبرقت مناصله، وبرزت سهامه، كأنها لواحظ أغيد لا تخطي مقاتله، وهو:
[الكامل]
ولقد عجبت لغفلة المستنصر ... إذ أبرز الجيش الهمام لجعفر
ولو أن من أهواه يبرز وجهه ... قامت لواحظه مقام العسكر [ص ٣٢٧]
وقد ذكر صاحب بلغة الظرفاء الحكم المستنصر، وأورد له شعرا ورد به منهل الشعرى، وهو قوله:
[الطويل]
ألسنا بني مروان كيف تبدّلت ... بنا الحال أو دارت علينا الدوائر
إذا ولد المولود منّا تهللت ... له الأرض واهتزت إليه المنابر
بويع المستنصر في رمضان سنة خمسين وثلاث مائة، ولد مستهل رجب سنة اثنتين وثلاث مائة، وتوفي في صفر سنة ست وستين وثلاث مائة، وكانت مدته نحو ست عشرة سنة، وكان أبيض طوالا، شثن اليدين جسيما وسيما، أسود العينين، أصهب عظيم اللحية، يخضب بسواد.