لشهامه [ص ٣٣٦] كأنه ما مر مروان من أمامه «١» ، ولا قدم عبد الرحمن الداخل قدامه، ولا عدّ من هذا البيت هشامه، عدا عبد الملك فعلا ومعاوية فضلا، وكان همّه فرجه وبطنه، وعزمه عينه وأذنه، لا يفكر في شىء إلا ما يهمه، ولا يلم إلا بما لا يفارقه ملمه، إلا أنه ممن أقامه الحظ السابق على من تقدمه، حتى تأخر لامتداد الأجل وقدمه.
بويع في ذي القعدة سنة أربع عشرة وأربع مائة، وبقي سنة وأربعة أشهر وأياما، ثم خلعوه خلع الحذاء، ودفعوه دفع الذباب عن الغداء، فخرج في جماعة ممن حفظ عهده المضاع، ولحظ وده ملاحظة الطفل لأيام الرضاع، فأتى بهم مدينة سالم «٢» ، وأقام بها غير مسلّم ولا مسالم، فضجر منه بعض أصحابه ممن هجر، أو أن اتساع رحابه فعمد إلى دجاجة فحمى فشواها، وعمل فيها سمّا رمى بها مهجته فأصاب شواها، فأراح الدنيا من تخلفه وخفف أثقالها بما كانت تحمله من تكلفه.
وكانت وفاته في ربيع الآخر سنة سبع وأربع مائة، وكان ربعة أشقر أزرق مدور الوجه ضخم الجسم، قارب في العمر الخمسين سنة، ثم أقيمت الدعوة ليحيى بن علي بن حمود، ثم آل أمره إلى أن قطعت دعوته، ومنعت أن تستجاب لها دعوته، ثم أعيدت الدولة أموية، وحمدت «٣» عهودها المذكورة بسحب الدموع الروية، وها أنا أذكرها فأقول: