وخطه الشيب، وكان شديد الهيبة على عسكره عظيمها، كان له الموصل وما معها من البلاد، وملك الشام خلا دمشق، وكان شجاعا، وكانت الأعداء تحيط بمملكته من كل جهة، وهو ينتصف منهم ويستولي على بلادهم.
ولما قتل زنكي كان ولده نور الدين محمود حاضرا عنده، وأخذ خاتم والده وهو ميت من إصبعه، وسار إلى حلب فملكها وكان صحبة زنكي أيضا الملك ألب أرسلان بن محمود بن محمد بن ملك شاه السلجوقي، فركب في يوم قتل زنكي واجتمعت عليه العساكر، فحسن بعض أصحاب زنكي الأكل والشرب وسماع المغاني، فسار ألب أرسلان إلى الرّقة وأقام بها منعكفا على ذلك، وأرسل كبراء دولة زنكي (٤) إلى ولده سيف الدين غازي بن زنكي «١» ، يعلمونه بالحال، وهو بشهرزور، فسار إلى الموصل واستقر في ملكها، وأما ألب أرسلان فتفرقت عنه العساكر، وسار إلى الموصل يريد ملكها، فلما قرب منها قبض عليه غازي بن زنكي وحبسه في قلعة الموصل «٢» ، واستقر ملك سيف الدين غازي للموصل وبلادها.
وفيها، أرسل عبد المؤمن بن علي «٣» جيشا إلى جزيرة الأندلس فملكوا ما فيها من بلاد الإسلام واستولى عليها.