المؤونة عندهم، فاتفق رأي الأمير حسن على إخلاء المهدية، فخرج منها، وأخذ ما خف حمله، وخرج أهل المدينة على وجوههم بأهليهم وأولادهم، وبقي الأصطول في البحر يمنعه الريح من الوصول إلى المهدية، ثم دخلوا المهدية بعد مضيّ ثلثيّ النهار المذكور بغير مانع ولا مدافع، ولم يكن قد بقي من المسلمين بالمهدية ممن عزم على الخروج أحد، ودخل جرج مقدم الفرنج إلى قصر الأمير حسن فوجده على حاله لم يعدم منه إلا ما خف حمله، ووجد فيه جماعة من حظايا الحسن والذخائر مملوءة من الذخائر النفيسة من كلّ شيء غريب، وسار الأمير حسن بأمواله وأولاده إلى بعض أمراء العرب «١» ممن كان يحسن إليه، وأقام عنده، وأراد الحسن السير إلى الخليفة الحافظ العلوي «٢» صاحب مصر، فلم يقدر على ذلك لخوف الطرق فسار إلى ملك بجاية يحيى بن العزيز «٣» من بني حمّاد، فوكّل يحيى المذكور على الحسن وعلى أولاده من يمنعهم من التصرف، ولم يجتمع يحيى بهم، وأنزلهم في جزائر بني مزغنّان «٤» ، وبقي حسن كذلك حتى ملك عبد المؤمن بن علي بجاية في سنة سبع وأربعين وخمس مئة، وأخذها هي وجميع ممالك بني حمّاد، فحضر الأمير حسن عنده فأحسن إليه عبد المؤمن وأكرمه، واستمر في خدمة عبد المؤمن إلى أن ملك عبد المؤمن المهدية فأقام