من العطش، وهلك كثير من الدواب، وأخذت الفرنج العسكر الذين كانوا تفرقوا للإغارة أسرى، وأسر الفقيه عيسى «١» ، وكان من أكبر أصحاب السلطان فافتداه السلطان من الأسر بعد (سنتين)«٢» بستين ألف دينار، ووصل السلطان إلى القاهرة نصف جمادى الآخرة، قال ابن الأثير:
رأيت كتابا بخط يد صلاح الدين إلى أخيه توران شاه نائبه بدمشق يذكر له الواقعة، و [في]«٣» أوله: (الطويل)
ذكرتك والخطّيّ يخطر بيننا ... وقد نهلت منا المثقفة السّمر
ويقول فيه: لقد أشرفنا على الهلاك غير مرة، وما نجانا الله تعالى منه إلا لأمر يريده سبحانه وتعالى" وما ثبتت إلّا وفي نفسها أمر"«٤»
وفيها، سار الفرنج وحصروا مدينة حماة في جمادى الأولى، وطمعت الفرنج بسبب بعد صلاح الدين بمصر وهزيمته من الفرنج، ولم يكن غير توران شاه بدمشق ينوب عن أخيه صلاح الدين وليس عنده كثير من العسكر، وكان توران شاه أيضا كثير الانهماك في اللذات مائلا إلى (٧١) الراحات، ولما حصروا حماة كان بها صاحبها شهاب الدين الحارمي خال صلاح الدين وهو مريض، واشتد حصار الفرنج لحماة وطال زحفهم عليها حتى إنهم هجموا بعض أطراف المدينة وكادوا يملكون البلد قهرا بالسيف، ثم جد المسلمون في القتال وأخرجوا الفرنج إلى ظاهر السور، وأقام الفرنج كذلك على حماة أربعة أيام ثم رحلوا عنها إلى