فحضر القسيسون وأنكروا عليها ذلك إلا أن ينتصر الملك العادل فلم يتفق بينهم حال، ثم رحل الفرنج من يافا إلى الرملة ثامن ذي القعدة، وبقي كل يوم يقع بينهم وبين المسلمين مناوشات، ولقوا من ذلك شدة شديدة (١٠٣) ، وأقبل الشتاء وحالت الأوحال بينهم.
ولما رأى السلطان ذلك وقد ضجرت العساكر أعطاهم الدستور وسار إلى القدس لتسع بقين من ذي القعدة، ونزل داخل البلد واستراحوا مما كانوا فيه، وأخذ السلطان في تعمير القدس وتحصينه وأمر العسكر بنقل الحجارة وكان السلطان ينقل الحجارة بنفسه على فرسه ليقتدي به العسكر فكان يجتمع عند العمالين في اليوم الواحد ما يكفيهم [لعدة]«١» أيام.
وفيها، كانت وفاة الملك المظفر تقي الدين عمر «٢» .
كان تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب قد سار إلى البلاد المرتجعة من كوكبوري التي زاده إياها عمه السلطان من وراء الفرات، وهي حران وغيرها، فامتدت عين الملك المظفر إلى بلاد مجاورة، واستولى على السويداء «٣»
وحاني «٤» واتقع مع بكتمر صاحب أخلاط فكسره وحصره في أخلاط وتملك معظم البلاد، ثم رحل عنها ونازل ملازكرد وهي لبكتمر وضايقها، وكان في صحبته ولده الملك المنصور محمد «٥» فعرض للملك المظفر مرض شديد وتزايد