صاحب أنطاكية وطرابلس في عقد هدنتهم وأن تكون لد والرّملة مناصفة بينهم وبين المسلمين، فاستقرت القاعدة على ذلك.
ورحل السلطان إلى القدس في رابع شهر رمضان، وتفقد أحواله، وأمر بتشييد أسواره، وزاد في وقف المدرسة التي عملها بالقدس، وهذه المدرسة كانت قبل الإسلام تعرف بصندحنة يذكرون أن فيها قبر حنة أم مريم، ثم صارت في الإسلام دار علم قبل أن يملك الفرنج القدس (١٠٨) ، ثم لما ملك الفرنج القدس سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة أعادوها كنيسة كما كانت قبل الإسلام، فلما فتح السلطان القدس أعادها مدرسة وفوض تدريسها إلى القاضي بهاء الدين بن شداد «١» .
ولما استقر أمر الهدنة أرسل السلطان مئة حجار لتخريب عسقلان، وأن يخرج من بها من الفرنج، وعزم على الحج والإحرام من القدس، وكتب إلى أخيه سيف الإسلام صاحب اليمن بذلك.
ثم فنده الأمراء، وقالوا: لا نعتمد على هدنة الفرنج خوفا من غدرهم، فانتقض عزمه، ورحل عن القدس لخمس مضين من شوال إلى نابلس، ثم إلى بيسان، ثم إلى كوكب وبات بقلعتها، ثم رحل إلى طبرية، ولقيه بهاء الدين قراقوش الأسدي، وقد خلص من الأسر، وكان قد أسر بعكّا لما أخذها الفرنج مع من أسر «٢» فسار قراقوش مع السلطان إلى دمشق ثم [سار منها قراقوش]«٣» إلى مصر، ثم سار [السلطان]«٣» إلى بيروت، ووصل إلى خدمته بيمند صاحب أنطاكية يوم السبت حادي عشري شوال، فأكرمه السلطان وفارقه غد ذلك اليوم،