فكان اثني عشر ألف رأس، وذلك غير ما أطلقه من أثمان الخيل المصابة في القتال، ولم يكن له فرس يركبه إلا وهو موهوب أو موعود به، ولم يؤخر صلاة عن وقتها، ولا صلى إلا في جماعة، وكان إذا عزم على أمر توكل على الله ولا يفضل [يوما]«١» على يوم، وكان كثير سماع الحديث النبوي، قرأ مختصرا في الفقه تصنيف سليم الرازي «٢» ، وكان حسن الخلق، صبورا على المكاره، كثير التغافل عن ذنوب أصحابه، يسمع من أحدهم ما يكره ولا يعلمه بذلك ولا (١١٥) يتغير عليه، وكان يوما جالسا فرمى بعض المماليك بسر موجه فأخطأ به ووصلت إلى السلطان فأخطأته ووقعت قريبا منه، فالتفت إلى الجهة الأخرى ليتغافل عنها.
وكان طاهر المجلس لا يذكر أحدا في مجلسه إلا بخير، وطاهر اللسان فلا يولغ بشتم أحد قط.
قال العماد الكاتب: مات بموت السلطان الرجال، وفات بفواته الأفضال، وغاضت الأيادي، وفاضت الأعادي، وانقطعت الأرزاق، وادلهمت الآفاق، وفجع الزمان بواحده وسلطانه، ورزئ الإسلام بمشيد أركانه.
ولما توفي السلطان الملك الناصر استقر في الملك بدمشق وبلادها المنسوبة إليها ولده الأفضل نور الدين علي.