إلى غياث الدين فبالغ غياث الدين في إكرامه، وبنى له مدرسة بغرب جامع هراة فعظم ذلك على الكرامية وهم كثيرون بهراة ومذهبهم التجسيم والتشبيه وكان الغورية كلهم كرامية، فكرهوا الإمام فخر الدين لكونه [شافعيا]«١» وهو يناقض مذهبهم، فاتفق أن فقهاء الكرامية والحنفية والشفعوية حضروا بفيروز كوه عند غياث الدين للمناظرة، وحضر الإمام فخر الدين الرازي والقاضي عبد المجيد بن عمر المعروف بابن القدوة «٢» وهو من الكرامية الهيصمية وله عندهم محل كبير لزهده وعلمه، فتكلم الرازي فاعترض عليه ابن القدوة وطال الكلام فقام غياث الدين فاستطال فخر الدين الرازي على ابن القدوة وشتمه وبالغ في أذاه وابن القدوة لا يزيده على أن يقول: لا يفعل مولانا [إلا]«٣» وأخذك الله، فصعب على الملك ضياء الدين «٢» وهو ابن عم غياث الدين وزوج ابنته، وشكا إلى غياث الدين فخر الدين الرازي ونسبه إلى الزندقة ومذهب الفلاسفة فلم يصغ إليه غياث الدين، فلما كان الغد وعظ الناس [ابن عم المجد]«٤» بن القدوة بالجامع، وقال بعد (١٣٣) حمد الله والصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ
«٥» .
أيها الناس: إننا لا نقول إلا ما صحّ عندنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأما علم أرسطو وكفريات ابن سينا وفلسفة الفارابي فلا نعلمها فلأيّ حال يشتم بالأمس شيخ من شيوخ الإسلام يذبّ عن دين الله وسنة نبيه، وبكى وبكى الكرامية معه واستغاثوا وثار الناس من كل جانب، وامتلأ البلد فتنة وبلغ