ابنيه محمودا «١» ومودودا «٢» إلى قلعة فحبسهما فيها، وبعث ابنه غازي المذكور فحبسه في دار المدينة وضيق عليه وكان بتلك الدار هوام كثيرة، فاصطاد غازي [منها]«٣» حيّة وأرسلها إلى أبيه في منديل لعله يرق عليه، فلم يزده ذلك إلا قسوة فأعمل غازي الحيلة حتى يهرب، وكان واحد يخدمه فقرر معه أن يسافر ويظهر أنه غازي بن معز الدين سنجر شاه ليأمنه أبوه، فمضى ذلك الإنسان إلى الموصل فأعطي شيئا وسافر منها، فاتصل ذلك بسنجر شاه فاطمأن، وتوصل ابنه غازي حتى دخل دار أبيه واختفى عند بعض سراري أبيه، وعلم به جماعة منهم، وكتموا ذلك عن سنجر شاه لبغضهم فيه، واتفق أن سنجر شاه شرب يوما بظاهر البلد، وشرع يقترح على المغنين الأشعار الفائقة الفراقية وهو يبكي، ودخل داره سكران إلى عند الحظية التي ابنه مختبئ عندها، ثم قام سنجر شاه ودخل الخلاء، فهجم عليه ابنه غازي فضربه أربع عشرة ضربة بالسكين، ثم ذبحه وتركه ملقى، ودخل غازي الحمام وقعد يلعب مع الجواري، فلو أحضر الجند واستحلفهم في (١٥٩) ذلك الوقت لتمّ أمره وملك البلاد، ولكنه سكر «٤»
واطمأن، فخرج بعض الخدم وأعلم أستاذ داره، فجمع الناس وهجم على غازي وقتله، وحلف العسكر لأخيه محمود بن سنجر شاه ولقب معز الدين بلقب أبيه [ووصل معز الدين محمود بن سنجر شاه بن زنكي]«٥» فاستقر ملكه بالجزيرة وقبض على جواري أبيه فأغرقهن في دجلة، ثم قبض على أخيه مودود.