الملك العادل أبي بكر بن الكامل وقبضوا عليه وجعلوه في خيمة صغيرة ووكلوا عليه من يحفظه، وأرسلوا إلى الصالح أيوب يستدعونه فأتاه فرج لم يسمع بمثله، وفي ذلك «١» يقول شيخ الشيوخ الحموي من أبيات: (البسيط)
فإن بعثنا فعقبى دعوة سبقت ... ونحن في حاجم ضنك الأساليب
يا كاشف الضرّ عن أيوب حين دعا ... قد مسّنا الضرّ فاكشفه بأيوب
وسار الملك الصالح أيوب والملك الناصر داود إلى مصر، وبقي الملك الصالح كل يوم يلتقي فوجا بعد فوج من الأمراء والعسكر، وكان القبض على الملك العادل ليلة الجمعة ثامن ذي القعدة هذه السنة، فكانت مدة ملكه نحو سنتين، ودخل الملك الصالح أيوب إلى قلعة الجبل بكرة الأحد لست بقين من الشهر المذكور، وزينت له البلاد وفرح الناس بمقدمه، وحصل للمظفر صاحب حماة من السرور والفرح بملك الملك الصالح مصر (٢٥٠) ما لا يمكن شرحه، فإنه ما زال على ولائه حتى إنه لما أمسك بالكرك كان يخطب له بحماة وبلادها.
ولما استقر الملك الصالح أيوب في ملك مصر وعنده الناصر داود حصل عند كل واحد منهما استشعار من صاحبه، وخاف الناصر داود أن يقبض عليه، فطلب دستورا وتوجه إلى الكرك.
وفي هذه السنة، توفي ناصر الدين أرتق أرسلان بن إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش ابن إلغازي بن أرتق صاحب ماردين «٢» وكان يلقب بالملك المنصور، وملك المذكور ماردين بعد أخيه حسام الدين يولق أرسلان حسبما تقدم ذكره في سنة ثمانين وخمس مئة «٣» ، وبقي أرتق أرسلان متغلبا عليه ألبقش مملوك