وفي هذه السنة، توفي الملك الصالح نجم الدين أيوب «١» ليلة الأحد لأربع عشرة ليلة مضت من شعبان من هذه السنة، وكانت مدة مملكته للديار المصرية تسع سنين وثمانية أشهر وعشرين يوما، وكان عمره نحو أربع وأربعين سنة، وكان مهيبا عالي الهمة، شجاعا، عفيفا، طاهر اللسان والذيل، شديد الوقار، كثير الصمت، وجمع من المماليك الترك ما لم يجمعه غيره من أهل بيته حتى كان أكثر أمراء العسكر مماليكه، ورتب جماعة من المماليك الترك حول دهليزه وسماهم البحرية، وكان لا يجسر أحد أن يخاطبه إلا جوابا، ولا يتكلم بحضرته ابتداء، وكانت القصص توضع من يديه مع الخدم فيكتب بيده عليها، وتخرج للموقعين، وكان لا يستقبل [أحدا]«٢» من أهل [دولته]«٣» بأمر من الأمور إلا بعد مشاورته بالقصص، وكان غاويا للعمارة، بنى قلعة [الجزيرة]«٤» بمصر، والصالحية «٥» وهي بلدة بالسانح (٢٧٠) وبنى بها قصورا للتصيد، وبنى قصرا عظيما بين مصر والقاهرة يسمى بالكبش «٦» ، وكانت أم الصالح المذكور جارية سوداء تسمى ورد المنى غشيها الملك الكامل فحملت بالملك الصالح، وكان للملك الصالح ثلاثة أولاد أحدهم فتح الدين عمر توفي في حبس الصالح