فطلب دستورا فأعطاه فسار إلى الشام، فاستخدمه الناصر بدمشق.
وفيها، أفرج الملك الناصر يوسف عن الناصر داود بن المعظم [الذي كان صاحب الكرك]«١» وكان قد اعتقله بقلعة حمص، وأفرج عنه بشفاعة الخليفة المستعصم وأمره أن لا يسكن في بلاده، فرحل الناصر داود إلى جهة بغداد فلم يمكنوه من الوصول إليها، وطلب وديعته الجوهر فمنعوه إياها، وكتب الملك الناصر يوسف إلى ملوك الأطراف أن لا يؤووه ولا يميروه فبقي الناصر داود في جهات عانة والحديثة وضاقت به الحال وبمن معه، وانضم (٢٨١) إليه جماعة غزيّة «٢» فبقي معهم يرحلون وينزلون جميعا، [ثم لما]«٣» قوي عليهم الحر ولم يبق بالبرية عشب قصدوا أزوار الفرات يقاسون بقّ الليل وهواجر النهار، وكان معه أولاده وكان لولده الظاهر شاذي فهد وكان يتصيد بالنهار عشرة غزلان، وكان يمضي للناصر داود وأصحابه [أيام]«٤» لا يطعمون غير الغزلان، واتفق أن الأشرف صاحب تل باشر وتدمر والرّحبة يومئذ أرسل إلى الناصر داود مركبين موسقين دقيقا وشعيرا فأرسل الناصر يوسف يهدده على ذلك، ثم إن الناصر داود قصد مكانا للشرابي واستجار به فرتب له الشرابي شيئا دون كفايته وأذن له في النزول بالأنبار وبينها وبين بغداد ثلاثة أيام والناصر داود مع ذلك يتضرع إلى الخليفة المستعصم فلا يجيب ضراعته، ويطلب وديعته فلا يرد لهفته، ولا يجيبه إلا بالمماطلة والمطاولة، وكان مدة مقامه متنقلا في الصحارى مع الغزيّة ثلاثة