وفي أواخر سنة سبع وخمسين في أوائل ذي الحجة قبض سيف الدين قطز على ابن أستاذه الملك المنصور نور الدين علي بن المعزّ أيبك وخلعه من السلطنة، وكان علم الدين الغتمي وسيف الدين بهادر وهما من كبار المعزية غائبين في رمي البندق، وانتهز قطز الفرصة في غيبتهما وفعل ذلك، ولما حضر الغتمي وبهادر المذكوران قبض عليهما أيضا، واستقر قطز في ملك الديار المصرية، وتلقب بالملك المظفر (٣٠٠) وكان رسول صاحب الشام وهو كمال الدين بن العديم قد قدم إلى مصر في أيام المنصور علي بن المعز مستنجدا على التتر، واتفق خلع علي المذكور وولاية قطز بحضور كمال الدين بن العديم.
ولما استقر قطز في السلطنة أعاد جواب الملك الناصر أنه ينجده ولا يقعد عن نصرته، وعاد ابن العديم بذلك.
وفي هذه السنة، قصد هولاكو البلاد التي بشرقي الفرات، ونازل حران وملكها واستولى على البلاد الجزرية، وأرسل ولده شموط بن هولاكو إلى الشام، فوصل إلى ظاهر حلب في العشر الأخير من ذي الحجة هذه السنة، وكان الحاكم بحلب الملك المعظم توران شاه بن السلطان صلاح الدين نائبا عن ابن ابن أخيه الملك الناصر «١» ، فخرج عسكر حلب لقتالهم وخرج المعظم ولم يكن من رأيه الخروج وأكمن لهم التتر في الباب المعروف بباب الله وتقاتلوا عند بانقوسا «٢»
فاندفع التتر قدامهم إلى أن خرجوا عن البلد، ثم عادوا إليها وهرب المسلمون