ولما جرى ذلك هرب الملك الظاهر المذكور خوفا من أخيه الملك الناصر، وكان الظاهر المذكور شقيق الناصر وأمهما [أم ولد]«١» تركية ووصل الملك الظاهر إلى غزّة واجتمع عليه من بها من العسكر وأقاموه سلطانا، ولما جرى ذلك كاتب بيبرس البندقداري الملك المظفر قطز صاحب مصر، فبذل له الأمان ووعده [الوعود الجميلة]«١» ، ففارق بيبرس البندقداري الشاميين وسار إلى مصر في جماعة من أصحابه، فأقبل عليه الملك المظفر قطز وأنزله في دار الوزارة وأقطعه قليوب وأعمالها.
وفي سنة ثمان وخمسين في يوم الأحد تاسع صفر، كان استيلاء التتر على حلب، وسببه أن هولاكو عبر الفرات بجموعه ونازل حلب وأرسل هولاكو إلى الملك المعظم توران شاه نائب السلطنة بحلب يقول له: إنكم تضعفون عن لقاء المغل، ونحن قصدنا الملك الناصر والعساكر فاجعلوا لنا عندكم بحلب شحنّة، وبالقلعة (٣٠٢) شحنّة ونحن نتوجه إلى العسكر، [فإن كانت الكسرة على الإسلام كانت البلاد لنا، وتكونوا قد حقنتم دماء المسلمين]«٢» ، وإن كانت الكسرة علينا كنتم مخيرين في الشّحنتين إن شئتم طردتموهما وإن شئتم قتلتموهما، فلم يجب المعظم إلى ذلك، وقال: ليس لكم عندنا إلا السيف، وكان رسول هولاكو إليهم في ذلك صاحب أرزن الروم فتعجب من الجواب، وتألم من هلاك أهل حلب بسبب ذلك.
وأحاط التتر بحلب ثاني صفر، وهجموا التوامين في غد ذلك اليوم، وقتل من المسلمين جماعة كثيرة، وممن قتل أسد الدين بن الملك الزاهر بن صلاح