للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووصل الخبر بذلك وعقد العزاء بجامع دمشق في سابع جمادى الأولى.

وكان هذا الناصر قد تولى مملكة حلب بعد موت أبيه العزيز وعمره سبع سنين «١» ، وأقامت جدته ضيفة خاتون بنت العادل بتدبير مملكته، واستقل بملك حران والرّها والرقّة ورأس عين وما مع ذلك من البلاد، ثم ملك حمص ودمشق وبعلبك والأغوار والسواحل إلى غزّة، وعظم شأنه، وكسر عساكر مصر، وخطب له بمصر وقلعة الجبل، وكان يذبح في مطبخه كل يوم أربع مئة رأس غنم، وكانت سماطاته وتجمله إلى الغاية القصوى، وكان حليما، وتجاوز به الحلم إلى حد أضرّ بالمملكة، فإنه لما أمنت قطاع الطريق في مملكته من القتل والقطع تجاوزوا الحد في الفساد، وانقطعت الطرق في أيامه وبقي لا يقدر المسافر على السفر من دمشق إلى حماة وغيرها إلا برفقة من العسكر، وكثر طمع العرب والتركمان في أيامه، [وكثرت الحرامية] «٢» وكانوا يكبسون الزروع، ومع ذلك إذا حضر القاتل بين يدي الناصر المذكور يقول: الحي خير من الميت ويطلقه، فأدى ذلك إلى انقطاع الطرقات والسبل بالحراميّة، وكان هذا على ذهن الناصر المذكور شيء كثير من الأدب والشعر، وتروى له أشعار كثيرة، منها: (الطويل)

فوالله لو قطّعت قلبي تأسفا ... وجرّعتني كاسات دمعي دما صرفا

لما زادني إلّا هوى ومحبة ... ولا اتخذت روحي سواك لها إلفا

(٣٢١) وبنى بدمشق مدرسة قريبة من الجامع تعرف بالناصرية «٣» ، وأوقف عليها وقفا جليلا، ووقف بالصالحية تربة غرّم عليها جملا مستكثرة فدفن فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>