له قبول عظيم عند ملوك الترك، وكان حليما إلى الغاية، يتجاوز عما يكره [ويكتمه]«١» ولا يفضح قائله، من ذلك أن الظاهر بيبرس قدم مرة إلى حماة ونزل بالدار المعروفة الآن بدار المبارز، فرفع إليه أهل حماة عدة قصص يشكون على الملك المنصور، فأمر الملك الظاهر دواداره سيف الدين بلبان الرومي «٢» أن يجمع القصص فلا يقرأها، ويضعها في منديل ويحملها إلى الملك المنصور صاحب حماة، فحملها الدّوادار المذكور وأعطاها للملك المنصور، وقال إنه والله لم يطلع السلطان الملك الظاهر على قصة منها، وقد حملتها إليك، فتضاعف دعاء الملك المنصور لصدقات الملك الظاهر وأخذ القصص، فقال بعض الجماعة:
سوف نرى من تكلم ما لا ينبغي ما يلقى، وتكلموا بمثل ذلك، فأمر الملك المنصور بإحضار نار، وحرق جميع تلك القصص، ولم يقف على شيء منها لئلا يتغير خاطره على رافعيها، وله مثل ذلك كثير، رحمه الله.
ولما بلغ السلطان الملك المنصور قلاوون وفاة الملك المنصور صاحب حماة قرر ابنه الملك المظفر محمود [افي]«٣» ملك حماة على قاعدة والده، وأرسل إلى عمه الأفضل وإلى أولاده التشاريف ومكاتبة إلى الملك المظفر بذلك، ووصلت التشاريف ولبست في العشر الأخير من شوال في هذه السنة، وكانت نسخة الكتاب بعد البسملة:
«المملوك قلاوون الصالحي أعزّ الله نصرة المقام العالي المولوي السلطاني الملكي المظفري التّقوي ونزع عنه لباس اليأس، وألبسه حلل السعد المجلوّة على