طلاها «١» ، ولا أيّهما بلغ السماء واغتصب النجوم حلاها، ولا أيّهما الموصوف في كرائم الخيل، ولا أيّهما ائتزر «٢» برداء النهار أو أطاح رداء الليل، من حصون كالحصون الشوامخ تتحصّن على صهواتها، ويتحصّل الظفر ولا تروى فواغر لهواتها، قد اشتدت مبانيها الوثيقة، وتشيدت فكانت حصونا لا حصنا على الحقيقة، ومن حجر كالحجر بل شيء أشدّ من الحجارة، وأشدّ من السّهم في مهاجمة الغارة، قد تبرجت تبرج الحسان، وتخرّجت تخرّج الكاعب وبرزت للفرسان، وأقبلت في ميدانها تتمطّر، وجالت وعنانها لا يزيد على أنّه «٣» يتخطّر، كلاهما محفوظ النّسب، ملحوظ الحسب، محفوظ البخت لاعن غير سبب.
فمن قرطاسية بيض ذاب على أعطافها اللّجين، وبقي عليها أثر الفضة وذهب العين، أقبلت كأنها البيض الكواعب، واستقبلت كأنها أيام وصل الحبايب، كأنما جلّلت بالنهار، أو حولت (٣٨) إلى مطالع الأقمار، أو خولت مما تلبس الشمس من حلل الأنوار، وجاءت قرطاسية لما قرطست سهامها، وقرّبت مواعيد الظفر أيامها.
ومن دهم لم ترض بالليل ردّ ردائها، ولا بلمم الشبيبة شبية ظلمائها، ولا بالأهلّة إلا تحت مواطئ حوافرها، ولا بالصباح إلا لما بين وظيفها ومشاعرها، فأما ما سأل أو استدار من الغدر الصّباح، فإنه مما قرّ أو [تموّج بين عينيها]«٤» من لوامع الأسنة لا من طلائع الصّباح.
ومن حمر أوقد الشفق عليها جمره، وبدّد الشقيق على كأسها خمره، منها معصم بسواد