قال الحمدانيّ: إلا أنهم مع بعد صيتهم قليل عددهم، قلت «١» : (الطويل)
تعيّرنا أنّا قليل عديدنا ... فقلت لها: إنّ الكرام قليل
وما ضرّنا أنّا قليل وجارنا ... عزيز وجار الأكثرين ذليل
قال المهمندار الحمدانيّ: وقد وفد فرج بن حيّة على المعزّ [أيبك]«٢» وأنزلناه بدار الضيافة، وقعد أياما، فجاء مقدار ما وصل إليه من عين وقماش وإقامة له ولمن معه ستة وثلاثين ألف دينار، واجتمع أيام الظاهر جماعة من آل ربيعة وغيرهم فحصل لهم من الضيافة خاصة في المدة اليسيرة أكثر من هذا المقدار، وكلّ ذلك على يدي (٤٨) ، قال:
وما يعلم ما خرج على يدي من بيوت الأموال والخزائن والغلال للعرب خاصة إلا الله تعالى مما لا تحصيه إلا بالجهد فسبحان من سخرّ لهم وقسم.
قلت: قد قال الحمدانيّ هذا واستكثره، وأطال في هذا واستعظمه واستكبره، فكيف لو عمّر إلى زماننا، ورأى إليهم إحسان سلطاننا، ورأى العطايا كيف كانت تفيض فيهم فيضا من الذهب العين والدراهم بمئين ألوف، والخلع الأطلس بالأطرزة الزراكش وأنواع القماش الذي يفصّل لملبوسهم بالسّمور والوشق والسّنجاب «٣» والبرطاسي والأطرزة [الزّركش]«٤» والملمع والباهي، والساذج، والعتّابي من الإسكندري وفاخر المقترح والمصبوغات المجوهرة، والذّهب، وأنواع الزّركش لنسائهم والسّكر المكرّر والأشربة المختلفة بالقناطير المقنطرة، وأحمال الجمال المقطرة إلى ما ينعم به على أعيانهم من الجواري التّرك والخيل للنّتاج،