فها أنتم أهل المغرب رأيتم واحدا من أهل المشرق بزيه فتنكم حسنه، حتى خاف قاضيكم، المشفق عليكم الفتنة بحسنه وبحسن زيّه، وقال (ص ١٨) فيه شعراؤكم ما قالوا، حتى عرض أحدهم بمفارقة الدين في هواه، وما ترك خليفتهم- والله أعلم- قبوله نحلا بالعوض عنه، ولكن خوف الفتنة به، لإبداع حسنه في رأي عيون أهل المغرب، إذ لا نظير له عندهم فيقع في ظنونهم. إن مثل هذا لا صبر لأحد عنه، ولعل هذا المملوك ما كان حدّ نفسه، ولا واحد جنسه، وهل هو إلا واحد من أهل بلاد لا ينظر إليه فيها بعين الاستحسان، ولا يفرق فيها بينه وبين غيره من الغلمان. هذا وقد قال قائلكم واحتفل أن قيمة ذاك المملوك على ما زعم تاجره عشرون ألف درهم مغربية، ولعمرك لقد كثّر غير كثير، وعظّم غير عظيم، و «١» هل الدراهم المغربية إلا الدراهم السود كل ثلاثة بدرهم نقرة «٢» من نقد مصر؟؟ وكان الترك في ذلك الوقت أغلى قيمة من وقتنا هذا بأضعاف مضاعفة، ولعله لو كان بمصر اليوم لما سوي أكثر من ألفي درهم. وكم في إصطبلات آحاد الأمراء مملوك بألفين وفوق الألفين، بل فيها من ثمنه عشرة آلاف درهم وما يزيد وينقص. فكيف لو رأيتم اليوم المماليك بمصر، وفيهم مع كثرة الجلب ورخص القيمة من بلغ ثمنه ثمانين ألف درهم، ثمنها من دراهمكم مائتا ألف وأربعون ألفا «٣» لكنتم ترون ما تحار فيه عقولكم، ويعشي لمعانه أبصاركم، وأحسن ما فعله قاضيكم في تغيير زي هذا المملوك المشرقي بالزي