بالجزاف، وأي حاجة بنا إلى هذا نعوذ بالله من الجور في الحكم، والميل مع كفة الظلم، وقد قلنا ما بجنوب المغرب من معادن الذهب، وفي بر العدوة معادن الفضة، ولكنه لا يعود لها عائد نفع لكثرة ما يخرج على [قلة]«١» ما يتحصل منها مثل معدن الذهب بالدامغان، وما بين مصر وما يليها (ص ٢١) من بلاد السودان معدن الزمرد والزبرجد «٢» ، وبالهند معدن زمرد وزبرجد وهو الزمرد الذي يسمى المكي، والذي بجهة مصر أفضل، إن صح أن مصر من بلاد المغرب، فهذا مما لا يجحد من فضائلها، لعظيم نفع الزمرد خصوصا الذبابي منه. وما نصت عليه الأطباء، ولكنه وإن عظم نفعا، وغلا قيمة، فإنه لا يبلغ أكثر من قيمة البلخش، أو بعض أنواع اليواقيت، والذبابي ولو غلا ما غلا، وعلا ما علا لا يبلغ قيمة البهرمان، ولا يدانيه في علو الأثمان، فإن قال: بعض المغاربة: فلم لا ذكرت مع هذه المسميات ما عندنا من البلور والمرجان؟ قلنا له: صحيح، ولكن انظر إلى تفاوت الأثمان، فإن تشبّع بما ليس له، وقال: فأين أنت من الزمرد الذّبابي؟ قلنا له: فأين أنت من الياقوت البهرمان؟؟ وهل يضرب إلا به المثل، وتنشق إلا عليه مرارة الزمرد، ويحمرّ خدّ البلحش من الخجل.
ومع ثبوت هذه المحاسن للشرق فما نسلب من المغرب حلله، ولا ننقصه حقه، ولا ندعي ما ليس له. بالغرب، في وقتنا ملك صبّ على عبّاد الصليب، يدرأ في نحور الأعداء، ويجاهد في سبيل الله من جاوره منهم برا وبحرا، والغرب هو أحد جناحي الأرض، وبه من كرائم الخيل والمعادن، ويقذف بحره