للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هولاكو بجلال الدين بن الدوادار [١] الخليفتي المستعصمي [٢] ، واتخذه هولاكو موضع رأيه، ومكان سره، فلما كسر هولاكو، وتضعضعت رعان جيشه، كما ذكرنا، شكا إلى جلال الدين بن الدوادار ما أصابه من الكسرة وفناء جنوده، فقال له جلال الدين: عندي عسكر جيد خير من هؤلاء، قال: من هم؟ قال: عسكر الخليفة فإن ابن العلقمي [٣] قطعهم وإلا فهم أحياء موجودين وأنا أجيبهم إليك، فأعجب هولاكو كلامه، ووقع منه موقعا حسنا، وكتب له يراليغ [٤] مضمونها إننا قد جهزنا جلال الدين بن الدوادار في شغل مهم لنا، ورسمنا له بما يفعل، ومرسومنا أن يمتثل جميع الخواتين والأمراء والنواب والقراولات [٥] وكافة الناس أمر جلال الدين المذكور، وأنه مهما شاء فعل، يقتل من يريد، ويخلى من يريد، وأن لا يعارض في أمر من الأمور، ولا يعترض عليه بسبب من الأسباب.

ومن هذا ومثله فتوجه جلال الدين، وحط يده في كل من بقى بحده من أمراء المغل وأكابرهم، والمقربين عند هولاكو، وفعل فيهم ما أراد، وفتك فيهم أنواع الفتك، حتى وصل إلى بغداد واستعد فيها (المخطوط ص ٥١) لما يريد أن يعمله، وأخذ منها ما أراد ومن أراد، ودخل البرية هاربا من هولاكو على عزم الوصول إلى مملكة مصر، فأدركه أجله قبل الوصول إليها.


[١] جلال الدين بن الدوادار أحد أركان الحكم في عهد الخليفة المستعصم آخر الخلفاء العباسيين، وكان ينوي خلع الخليفة وإجلاس آخر (انظر: تاريخ الخلفاء للسيوطي ٤٦٤) .
[٢] نسبة إلى الخليفة المستعصم آخر الخلفاء العباسيين والمقتول سنة ٦٥٦ هـ.
[٣] ابن العلقمي: مؤيد بن محمد بن أحمد العلقمي، وزير المستعصم بالله، كان شيعيا، اختلفت الروايات حول موقفه من المغول، واتهم بأنه كان وراء هجوم المغول على بغداد، كان أديبا، جعله هولاكو وزيرا كما كان في عهد الخليفة (انظر: شذرات الذهب ٥/٢٧٢- الفخري ٣٣٧- تاريخ ابن خلدون ٥/١١٤٩- تاريخ الخلفاء ٤٦٥- البداية والنهاية ١٣/١٩٦- مآثر الأناقة ٢/٩٢) .
[٤] يراليغ جمع مفرده، يرليغ، كلمة مغولية بمعنى حكم وأمر تعادل كلمة فرمان الفارسية (فرهنگ رازي ١٠٣٨- صبح الأعشى للقلقشندي ٤/٤٢٣) - وهي ترد بارليغ مفرد (تركستان ٥٨٨- ٦٦٩) .
[٥] ورد بالمخطوط العراولات وأظنها القراولات ومفردها قراول وتعني الحارس من الكلمة التركية قراول (فرهنگ رازي ٦٥٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>