زمانه «١» إلا أنه مما جاز الغرب دينار شمسه، وهنأ موضع منشئه، ثم ضنّ بكوكبه الدري أن يهيئ له موضع رمسه، ما أهدى لغرب مثل نسيمه الخفاق، ولا أمد الشرق في نهاره المتدفق شبيه نهره الدفّاق، ولا قرّ هنا في قراره الغرب حتى كادت تتجاذبه الآفاق، لقد سخت سخا منه بما يعذر فيه الشحيح، ويحذر في مثله آفة ذي الفهم الصحيح، وصعد إلى السماء فجنى النجوم زهرات، وظهر على السحاب فرمى البروق زفرات، ووطئ جبهة الأسد وداس، وذل الجبل فما ارتفع له راس،، وغطس في البحر، فجاء بما لا قدر عليه قبله ابن غطاس.
ولد سنة ثمان أو تسع وخمسين وخمس مائة، وقدم من" سخا" فسمع الحديث، وأخذ القراءات عن الشاطبي «٢» ، وأبي الجود اللخمي «٣» وغيرهما، واقتصر في إسناد القراءات عليهما، وأقرأ الناس نيفا وأربعين سنة، وقرأ عليه خلق كثير بالروايات، وكان إماما كاملا، ومقرئا محققا، ونحويا علامة، مع بصره بمذهب الشافعي «٤» ، ومعرفته بالأصول، وإتقانه للغة، وبراعته في التفسير، وإحكامه لضروب الأدب، وفصاحته بالشعر، وطول باعه في النثر مع الدين والمروءة والتواضع، واطراح التكلف، وحسن الأخلاق، ووفور الحرمة، وظهور