وقال الفرغاني: كان ابن جرير لا تأخذه في الله لومة لائم مع عظم ما يؤذى، فأما أهل الدين، والعلم فغير منكرين عمله، وزهده، ورفضه للدنيا، وقناعته بما يجيئه من حصة خلفها له أبوه بطبرستان.
وقال عبيد الله بن أحمد السمسار: قال ابن جرير- يوما- لأصحابه: هل تنشطون لتاريخ العالم. قالوا: كم يجيء؟ فذكر نحو ثلاثين ألف ورقة (ص ١٨٢) قالوا: هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه، فقال: إنا لله، ماتت الهمم، فأملاه في نحو ثلاثة آلاف ورقة.
ولما أراد أن يملي التفسير، قال لهم كذلك، ثم أملاه على نحو من التاريخ.
وقال الفرغاني: بث ابن جرير مذهب الشافعي ببغداد سنين، واقتدى به، ثم اتسع علمه، وأداه اجتهاده إلى ما اختار في كتبه، وعرض عليه القضاء، فأبى.
وقال ابن جرير: من قال: إن أبا بكر وعمر ليسا بإمامي هدى يقتل.
توفي «١» عشية الأحد ليومين بقيا من شوال سنة عشر وثلاثمائة، ودفن بداره برحبة يعقوب. [وشيعه إلى المسجد، ثم إلى القبر خلق لا يحصرون، وصلى على قبره عدة شهور، ورثاه أهل الأدب والدين»
] ، وكان السواد فيه كثيرا، ولم يغير شيبه، وكان أسمر إلى الأدمة، أعين «٣» ، نحيف الجسم فصيحا.