القائم بأمر الله «١» ، فأتى دار الخلافة يستأذن في قراءة الجزء، فقال الخليفة: هذا رجل كبير، وليس غرضه السماع، فانظروا، هل له حاجة؟ فسألوه: ما حاجته؟
قال: أن يؤذن لي في أن أملي بجامع المنصور، فأذن له.
وحكى ابن عساكر «٢» بسنده أن الخطيب ذكر أنه لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات، وسأل الله ثلاث حاجات أخذا بالحديث، فالأولى: أن يحدث بتاريخ بغداد بها.
والثانية: أن يملي بجامع المنصور.
والثالثة: أن يدفن عند بشر الحافي. فقضى الله ذلك.
ومولده في جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وتوفي في سابع ذي الحجة سنة ثلاث وستين وأربعمائة ببغداد.
وقيل: إن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي من جملة من حمل نعشه لأنه انتفع به كثيرا، وكان يراجعه في تصانيفه.
والعجب أنه كان في وقته حافظ المشرق، وأبو عمر بن عبد البر حافظ المغرب، وماتا في عام واحد.
وذكر ابن النجار في تاريخه: أن أبا بكر بن زهر كان قد أعد لنفسه قبرا إلى جانب بشر الحافي، وكان يمضي إليه كل أسبوع مرة، وينام فيه، ويقرأ القرآن كله، فلما مات أبو بكر (ص ٢٠٦) الخطيب وكان قد أوصى أن يدفن إلى جانب