قبر بشر الحافي فجاء أصحاب الحديث إلى أبي بكر بن زهر، وسألوه أن يدفن الخطيب في القبر الذي كان أعده لنفسه، وأن يؤثره به فامتنع من ذلك امتناعا شديدا، وقال: موضع أعددته لنفسي من مدة سنين يؤخذ مني! فلما رأوا ذلك جاؤوا إلى والد الشيخ أبي سعد، وذكروا له، فأحضر الشيخ أبا بكر بن زهر وقال: أنا لا أقول لك أعطهم القبر، ولكن أقول: لو أن بشر الحافي في الأحياء وأنت إلى جانبه فجاء أبو بكر الخطيب يقعد دونك، كان يحسن بك أن تقعد أعلى منه؟ قال: لا، بل كنت أقوم وأجلسه مكاني. قال: فهكذا: ينبغي أن يكون الساعة. قال: فطاب الشيخ، وأذن لهم في دفنه، فدفنوه إلى جانبه بباب حرب.
وكان قد تصدق بجميع ماله، وهو مائتا دينار فرّقها على أرباب الحديث والفقهاء والفقراء في مرضه، وأوصى أن يتصدق بجميع ما عليه من الثياب، ووقف جميع كتبه على المسلمين، ولم يكن له عقب، وصنف أكثر من ستين كتابا «١» ، ورويت له منامات صالحة بعد موته، وكان قد انتهى إليه علم الحديث وحفظه في وقته.