وقد جهد فيه الخطيب، وحمد عليه، وما اهتز غصنه الرطيب، حمية توقدت بين جانبيه لبلدته التي أخرجته من أقدم بيوتها، وجاءت به مفاخرها لثبوتها من بقية كان زمان يزيد بن معاوية أولهم، ثم انتهى إليه موئلهم، ثم ما ارتفع بعده لبيته المنيف جدار، ولا ألمّ الفضل له بدار.
ولد سنة تسع وتسعين، وأربع مائة في أولها، وسمع سنة خمس، وخمس مائة باعتناء أبيه، وأخيه الإمام صائن الدين هبة الله «١» ، وعدد شيوخه ألف وثلاثمائة شيخ، ونيّف، وثمانون امرأة، وصنف التاريخ في ثمانين مجلدا «٢» ، وله مصنفات أخر تقارب ثلاثين مجلدا، وأما الأجزاء فشيء كثير، وأملى في أبواب العلم أربع مائة مجلس، وثمانية مجالس «٣» ، وخرج لجماعة.
قال السمعاني «٤» : أبو القاسم حافظ، ثقة، ديّن، خيّر، حسن السمت، جمع بين معرفة المتن، والإسناد، وكان كثير العلم، غزير الفضل، صحيح القراءة، متثبتا، رحل، وتعب، وبالغ في الطلب، وجمع ما لم يجمعه غيره، وأربى على الأقران (ص ٢١٤) .