جنازتها، ثم نقهت من ذلك، فأكملت الصحيح كتابة في ثلاثة عشر مجلدا بخط واضح، فلما فرغت، شرعت في تحصيل الورق وغيره لكتابة صحيح مسلم، فتوفيت قبل شروعها في الكتابة، وذلك بعد فراغها من صحيح البخاري بنحو شهر. وحكى والدها: أنها كانت في أثناء مرضها المذكور، كانت تتأسف على عدم تكميل البخاري، وتودّ لو عاشت إلى أن تكمله ثم تموت، فكان كذلك، وصبر والدها واحتسبها عند الله، وقابل النسخة المذكورة مرتين، واعتنى بها، وصارت عمدة في الصحة، وحج أبو محمد البرزالي خمس حجج سمع وأسمع فيها بدرب الحجاز والحرمين والأماكن المعظمة ثم قصد الحج مرة سادسة عقب مرض فعاوده بدرب الحجاز، ودخل المدينة النبوية محمولا لمرضه، ثم أحرم فتوفى بخليص بكرة الأحد رابع ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وسبع مائة، فعزم على نقله ودفنه بمكة، فحصل خلاف بين الفقهاء الحجاج في هذه السنة، وكانوا جماعة من شيوخ المذاهب في جواز النقل «١» ، وخيف عليه من الحر، فصلّي عليه بمخيم الحاج ودفن إلى جانب البرج بخليص، ووصل خبره إلى الديار المصرية ثم إلى دمشق في خامس المحرم سنة أربعين، وصلّي عليه صلاة الغائب بالبلاد، ووقف كتبه وأجزاءه، وتصدق بثلث ماله، (ص ٢٢٤) وقلت أرثيه لما بلغني وفاته، وكنت إذ ذاك بالقاهرة المعزّية:[البسيط]